سهى باشرين لبرنامج النساء والسلام النساء أكثر تضررآ في الحرب
2021/09/09 - الساعة 06:27 صباحاً
السلام نيوز
السعيدة أولى حلقات برنامج النساء والسلام، إحدى البرامج المتخصصة الهادفة تسليط الضوء على جهود النساء في عملية السلام، ورؤيتهن المستقبلية في هذا الجانب..
يستضيف البرنامج مجموعة من القيادات النسوية الرائعة، وهو فكرة وإعداد الإعلامية المتألقة وداد البدوي، وتقديم المذيعة المبدعة مايا العبسي، إشراف الأستاذ: مختار القدسي، وإخراج الأستاذ: عصام الخليدي..
وهنا ننقل لكم نص الحلقة الأولى من البرنامج الذي تم فيه استضافة القيادية النسوية سهى باشرين، وتم بثه على قناة السعيدة الأحد 23 مايو الجاري، فإلى تفاصيل اللقاء:
القناة: أهلا بكم .. وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته في أولى حلقة من حلقات برنامجنا النساء والسلام ..
هذا البرنامج الذي نسلط من خلاله على مجموعة من القيادات النسوية الرائعة التي استطاعت أن تثبت جدارتها، في المجتمع اليمني ونتحدث معهن عن آليات مختلفة بحيث نتحدث في كل حلقة عن مجموعة من المحاور والنقاشات المختلفة.
ضيفة حلقة اليوم سنتعرف عليها وهي الأستاذة سهى باشرين ولكن بعد أن نبتدئ باستعراض هذا المونتاج القصير، ثم نعود لنبدأ الحوار..
سهى محمد باشرين
نسوية، استشارية في مجال النوع الاجتماعي (الجندر) عملت في عدد من المنظمات الدولية والأممية كمديرة واستشارية لبرامج النوع الاجتماعي وتمكين النساء في جهات حكومية ومؤسسات غير حكومية.
لها مشاركات وحضور يمثل اليمن في عدد من دول العالم وأروقة الأمم المتحدة، أبرزها مشاركتها في اجتماعات لجنة مراجعة التنفيذ لاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء (السيداو).
شاركت في جولات مناصرة بدول أوروبية لدعم مشاركة النساء والشباب ضمن عملية بناء السلام، عضوة ومؤسسة في مبادرات مدنية ونسوية أهمها تحالف وطن لتعزيز مشاركة النساء المستقلات في الانتخابات المحلية لعام 2006.. لها دراسات والأبحاث وأوراق عمل في قضايا النوع الاجتماعي والتنمية.
مدربة في النوع الاجتماعي والمناصرة والتخطيط الاستراتيجي، درست الماجستير في التنمية الدولية من جامعة برادفورد. بريطانيا، وأم لطفلين يوسف وإلياس.
القناة: أهلاً وسهلا بكم من جديد وأهلا بك أستاذة سهى..
في برنامجنا النساء والسلام اخترنا مجموعة من القيادات النسوية الرائعة التي تحاول أن تثبت جدارتها في أطر تعزيز عملية صناعة السلام في اليمن.
في حلقة اليوم سوف نتحدث عن مجموعة من المحاور.. المحور الأول مسارات السلام في اليمن والعملية السياسية.
والبداية.. لماذا تعثرت العملية السياسية في اليمن؟
سهى باشرين: أولاً.. شكراً على الاستضافة وإن شاء الله تكون بداية خير وبرنامج ناجح.. عندما تقولي العملية السياسية هل بشكل عام أم المقصود بها في هذه الفترة المقصود بها عملية السلام..
رأيي المتواضع طبعاً، أنا لست محللة سياسية.. فيما يتعلق بالحياة السياسية، بشكل عام الحياة السياسية في اليمن ضعيفة، بنيت الحياة السياسية لم تأخذ وقتها، إذا اعتبرنا أن الحياة السياسية في اليمن بدأت من الخمسينيات والستينياتـ، كانت ذروة الثورات العربية والتحرر ضد الاستعمار، في تلك الفترة، بعد ذلك النخب التي قامت بالثورات، والتي مسكت السلطة في اليمن لم تعمل على بناء حياة سياسية حقيقية سواء كانت تعددية سياسية أو ديمقراطية أو انتخابات أو غيرها.
كان بشكل أو بآخر حكم شمولي، حكم فرد واحد، يطغى عليها نمط واحد، حتى مع بداية التسعينيات وتغير النظام العالمي، وتغير الأنماط السياسية لم يحدث هذا التغيير، حصل تغيير عندنا في الظاهر، حصل تعددية سياسية وانتخابات في الظاهر، لكن أن يحدث بناء لأسس الحياة السياسية الحقيقية، نقد، معارضة، حركة مدنية قوية، بصراحة لا..
هذا كله هو سبب تعثر العملية السياسية في اليمن لفترات طويلة..
ولا نستطيع الحديث عن الفترة الأخيرة، دون الفترة الماضية، لأن هذا كله ينعكس على الأمس..
أيضاً النخب السياسية تعتمد المصلحة الشخصية هي الأساس، هذا برأيي ومن خلال متابعاتي، يعني لا يوجد مصلحة عامة، سواء كانوا ممثلين لأحزاب، أو قيادات لأحزاب، المصالح الشخصية تطغى على المصلحة العامة، لذلك المصلحة السياسية تتعثر..
دائماً ماذا أكسب أنا، قبل ماذا سيكسب الوطن، وطبيعي أن تتعثر.. بالإضافة إلى جوانب كثيرة، الآن الاستقطابات الإقليمية، وكثرة الفصائل، والجماعات التي وجدت بعد 2015م، هذا كله يسبب صعوبة أن ترجع العملية السياسية لمسارها، وأتمنى أن ترجع لمسارها، فقط أكيد ستظل تتعثر نتيجة كل هذه العوامل مشتركة.
القناة: حول الأسباب أفهم من حديثك أنك قلتي أن أغلب الشخصيات تبحث عن مصالحها العامة، هل نستطيع أن نعمم ذلك على كل الشخصيات؟
سهى باشرين : لا طبعاً، أنا أتكلم عن النخب، والتي تعتبر ضمن أطراف الحرب، معظمها تبحث عن مصالح شخصية، أو مصلحة الجماعة، وليس مصلحة البلد ولا مصلحة الوطن ولا المصلحة العامة، إنما المصلحة التي تخدم توجهاتهم أو مطالبهم، أو ما يطرح على الطاولة تنحصر حول إما مصالحهم الشخصية، أو مصالح الجماعة.
القناة: الحرب .. كما هو معروف دخلت عوامل كثيرة دخلت عوامل كثيرة، واستمرت في المجتمع اليمني لفترة طويلة، ربما لم تكن متوقعة سابقاً، إلى أي مدى أثرت الحرب تحديداً على حياة الأسرة اليمنية؟
سهى باشرين: مثلما قلتي، استمرت الحرب لفترة طويلة، لم نكن متوقعين.
يمكن في البداية، المناطق التي كانت فيها اشتباكات أو قصف أرضي أو قصف جوي، كانت الأسر فيها والمواطنين كانوا متأثرين فيها، مع طول أمد الحرب الآن ونحن داخلين في السنة السابعة، الذي صار إنه الأسر كلها أصبحت متأثرة بآثار الحرب، متأثرة بالحرب، بشكل أو بآخر، يمكن ليس بالحرب والقصف مباشرة، المناطق التي كنت أزورها سأعطيك مثل المحويت، كانوا يقولوا في 2018م، كانوا يقولوا لم نكن نحس بالحرب إلى أن وقفت الرواتب، المناطق التي زرتها في المحويت، كانوا يستقبلوا، الأسر كانت تستقبل أولادها الذي كانوا عايشين في مناطق أخرى.
عندما بدأت الحرب نزحوا ورجعوا إلى المحويت، وعاشوا عند أهلهم، رواتبهم ماشية، أمورهم كانت كلها تمام..
عندما بدأت الحرب، وأنا سمعته من أكثر من واحدة، وبالذات امرأة كبيرة في السن، قالت، نحن لم نشعر بالحرب إلا عندما توقفت الرواتب، يعطونا الرواتب وأمورنا ستكون تمام.
الحرب في البداية الكل كان متوقع إنها في الاشتباكات والقصف والضرب الأرضي لكن مع استمرار الحرب كان لها أوجه كثيرة، توقف الخدمات الأساسية، المستشفيات، تعثر العملية التعليمية، توقف الرواتب هذا في المرتبة الأولى، ثم جاءت كورونا، فكل هذه تعتبر إنها أثرت على كل الأسر في كل اليمن شرقه وشماله وجنوبه وغربه، وآثار الحرب أصبحت على الكل.
القناة: من هنا نسأل السؤال التالي، تحديداً عن الريف في اليمن، هل تأثر الريف اليمني، أو المناطق البعيدة حتى عن مناطق الصراعات، من آثار الحرب؟
سهى باشرين: طبعاً .. أعتقد إنه ما فيش منطقة في اليمن، إلا وتأثرت من آثار الحرب، يعني مثلاً ارتفاع وانعدام المشتقات النفطية أثر على الزراعة، عدم وجود الديزل أثر على المزارع واستخدامه للآليات الزراعية، ونقل المحاصيل إلى المدينة، وكل هذا يؤثر على أبعد المناطق.
القناة: فما بالنا بالأرياف أو بالمناطق التي لا تزال التنمية المجتمعية فيها ضعيفة سواء بكوادرها أو بآلياتها، هل دفعت النساء الريفيات ونساء المجتمع المحلي ثمناً لهذا الصراع في اليمن؟
سهى باشرين: طبعاً الكل دفع ثمن الصراع، الكبار والصغار، النساء والرجال، البنات والأولاد، الكل دفع ثمن الصراع، فقط التكلفة تكون أكثر، كلما كانت الفئة أكثر ضعفاً كلما كانت تكلفة الحرب عالية جداً، والنساء من أكثر الفئات تضرراً من الحرب، النساء في فترة الحرب اضطررن لتحمل مسؤولية لم يكن مجهزات لها، والشيء المثير للإعجاب إن النساء استطعن أن يتحملن هذه المسؤولية.
معروف عندنا بالذات في المناطق النائية إن النساء لا يمكن أن يتحركن خارج قريتهن إلا مع مرافق، زوج، أخ، أب، هناك نساء اضطررن للنزوح بدون وجود محرم أو مرافق رجل، غير ذلك في مكان النزوح اضطررن أن يقفن مع أنفسهن وأسرهن، هذه أدوار لم يكن جاهزات لها.
شيء آخر، وهي نقطة الإبداع في النساء اليمنيات، إنهن حولن الأدوار التقليدية، الأدوار الإنجابية من طبخ وخياطة وأشغال منزلية إلى مجالات لأعمال، وأعمال تجارية مدرة للدخل، المرأة التي مات عائلها، أو ذهب للقتال، أو اختفى لم يعد هناك عائل للأسرة، اضطرت أن تكون عائل للأسرة.
مهاراتها في الطبخ، التي لم يكن أحد يراها، حولتها إلى مصدر للدخل، هذا دليل على أن النساء أبدعن، وأوجدن طرق، ولم يستسلمن للواقع، طبعاً هو بشكل عام، لا يمكن يستسلمن، لا يمكن أي أحد يرى أولاده وأسرته تنهار دون أن يبحث عن فرص، فقط لم يكن هناك مهارات حياتية، كما كانت مساحة الحركة قليلة، وهناك تقييد بقيود اجتماعية كثيرة، بالإضافة إلى غياب المهارات المهنية، وغياب مهارات إدارة مشروع تجاري، وهذا كله تعلمنه بأنفسهن، لم يحتجن دخول مدرسة، بل وجدن أنفسهن في مواجهة هذه الظروف وبدأن بالتكيف بطريقة سريعة، وأعتقد هنا نقطة الإبداع في النساء اليمنيات.
القناة: إذن انتصارات السلام هي التي تفرض نفسها على أرض الواقع محورنا الثاني يتحدث حول دور النساء في العملية السياسية وصناعة السلام، بداية النساء في المجتمع المحلي كيف يستطعن أن يقمن بمواجهة آثار الحرب والصراع؟
سهى باشرين: كما ذكرت سابقاً، النساء حاولن الاستفادة من جميع قدراتهن لمواجهة الصراع أو لمواجهة الحرب، مثلما قلت مثلا النساء اللواتي لم يكن متعودات على الخروج من قراهن بدون مرافق، بدون محرم، اضطررن إلى النزوح بدون وجود المحرم، وفي مكان النزوح، استطعن أن يفهمن كيفية الحصول على مساعدات، وكيفية التواصل مع المنظمات التي تقدم خدماتها، حاولن أن يتعلمن على قدر استطاعتهن.
جميع النساء يحاولن أن يواجهن آثار الحرب بشكل أو بآخر، لا ننسى أو لا نريد أن نحول النساء اليمنيات إلى ملائكة، يجب أن نعرف أن النساء فئات مختلفة، لهن خلفيات فكرية وثقافية واجتماعية متعددة، وبالتالي جميعهن لسن ملائكة ولسن شياطين، هن بنات هذا المجتمع يتأثرن بجميع التغييرات السياسية والوضع العسكري والأمني والاقتصادي، وبالتالي مثلما نسمع أصوات نساء منادية للسلام، قد نسمع أصوات نساء يحشدن للقتال، وبالتالي جميع النساء هن بنات المجتمع، ويجب أن نتفهم دوافع هؤلاء النساء، وكيفية التعامل معهن، وبالنهاية النساء بنات هذا المجتمع والتأثيرات والاختلاف والتغيرات التي تحدث فيها يتأثرن بها بشكل أو بآخر.
القناة: النساء باعتبارهن بنات هذا المجتمع، ما هو دورهن في عملية تماسك المجتمع خصوصاً في الفترة الحالية التي تمر بها البلاد؟
سهى باشرين: طبعاً في نقطة مهمة، نحن دائماً ننظر إلى النساء سواء داخلياً أو خارجياً ننظر إلى النساء اليمنيات بأنهن مضطهدات وأنهن عليهن ظلم كثير، أنهن ضعيفات، بينما الحرب أو الصراع أثبت أن النساء اليمنيات قويات، لا نستطيع أن ننكر أن هناك ظلم كبير واقع على النساء، هناك اضطهاد، هناك تقييد كبير على النساء، لكن على جانب آخر هناك نقاط قوة للنساء ويجب أن يتم استثمارها، مثلما هناك دراسة على العنف ضد النساء والاضطهاد ضد النساء والقيود الاجتماعية المفروضة على النساء اليمنيات، يجب أن تتم إجراء دراسات وتحليلات لفهم نقاط القوة، لفهم كيف استطاعت النساء المقيدات اجتماعياً أن يواجهن هذه الظروف، كيف استطاعت امرأة لم تخرج من قريتها أبداً أن تنزح إلى مناطق غير معروفة لديها، وتكيفت في هذه المناطق وبنت علاقات واستطاعت أن تعيش هي وأسرتها.
القناة: ما رأيك حول الأصوات التي تنكر، أن هناك بعض النساء، أو أغلب النساء، ليس لديهن دور مجتمعي مؤثر لا في عملية صناعة ولا حتى في السلم المجتمعي؟
سهى باشرين: أعتقد إن دور النساء في المجتمع على مستوى المجتمع قوي جداً.
في إحدى المناطق التي زرتها كان هناك امرأة نازحة من الفئات المهمشة، هذه المرأة أخذت على عاتقها بدون طلب من أي أحد أن تقوم بتنسيق طابور، جلب الماء من خزان الماء، سألتها مباشرة لماذا؟، ما الذي دفعك أن تقومي بهذا العمل، ردت عليا بالحرف، لا يوجد لدي استعداد أن أرى شخصين يتخاصموا، هذه المرأة كانت تعيش في منطقتها معززة ومكرمة، وعندها بيت وأرض، وعاشت مرتاحة، نزحت بدون شيء، ولكن من الظلم الذي وقعت فيه والقهر الذي عاشته، حولت هذا القهر إلى أداة لبناء السلام، حاولت أن تبني السلام بأداة بسيطة، وفعلا في هذه المنطقة كان هناك مشكلة، لأن تجمع النازحين كان قرب قرية، والمشروع خزان الماء للنازحين، فحصل اشتباك بين النازحين والقرية المضيفة، وقيام هذه النازحة بهذا الدور حلت إشكالية كبيرة جداً، وأعتقد أنها هي من نفسها قد لا تكون فاهمة أن ما قامت به هو عملية بناء السلام.
أعتقد أن النساء وجهودهن وأدوارهن على مستوى المجتمع كبير جداً، في محاولة بناء السلام، بمبادرات وبأدوات بسيطة جدا ولكن واضحة على مستوى المجتمع.
القناة: إذن أستاذة سهى، هل تعتقدي أن هناك تواصلا جيدا ًبين النساء في المسارات المختلفة للعملية السياسية في المجتمع اليمني؟
سهى باشرين: لا .. للأسف..
وربما قد لا يعجب حديثي الكثير، ولكن أعتقد أن هذه هي نقطة ضعف العمل النسائي في اليمن، نساء المجتمع يقمن بمبادرات كبيرة لكن في النهاية أصواتهن ضعيفة، لا توجد لديهن قنوات لإسماع أصواتهن وإخراج هذا الصوت من على مستوى المجتمع.
حتى في المسار الثاني والذي يغذي المسار الأول الرسمي، هناك غياب في التنسيق، وغياب حلقة الوصل بين نساء المجتمع من المسار الثالث.
والنساء اللاتي يعملن على المسار الثاني أعتقد إنهن قدوة كبيرة ومؤثرات في عملية السلام، ومؤثرات لوصول أصوات النساء وتبلور مطالبهن، لإنه إذا وجدت هذه الحلقة، النساء على مستوى المجتمع يستخدمن أدوات طبيعية، أدوات نابعة من المجتمع، في بناء السلام، لا أعتقد إنه بناء السلام في اليمن يمكن أن يأتي بوصفة خارجية، يجب أن يأتي بوصفة محلية، فيجب إذا سمعت أصوات النساء من الداخل، أعتقد أنها ستؤثر بشكل كبير جداً، وهذا ليس فقط في اليمن، إذا رجعت لتجارب النساء في عمليات بناء السلام في مختلف الدول التي كانت تعاني من الصراعات، سنجد إن مطالب النساء كانت دائما بأن تكون الوصفة محلية من الداخل، وأن نستخدم الأدوات المحلية، وعادة النساء هن اللاتي يستخدمن هذه الأدوات، وحتى في اليمن إذا لاحظتم في عمليات تتم، مثل فتح طرق آمنة لعمليات الإغاثة، تبادل الأسرى، تتم بعيداً عن الأضواء، وبعيداً عن المفاوضات الرسمية، إذا لاحظتم إنه تستخدم الأدوات المحلية، تستخدم المناهج المحلية التي يعرفوها الناس بطبيعتهم، وبالفطرة، إذا تم إعطاء هذه الأدوات فرصة أعتقد ممكن إننا نصل لعملية سلام شاملة..
القناة: إجابتك تأتي بنا إلى محور آخر يتعلق بتقييمك لأدا ء منظمات دولية والمجتمع الدولي في دعم حضور النساء في العملية السياسية؟
سهى باشرين: حضور النساء في العملية السياسية شيء لا خلاف عليه، هو حق، أي مواطن له حق إنه يشارك، مثلما الرجال لهم حق إنهم يجلسوا على طاولة المفاوضات، فالنساء لهن حق، من باب المواطنة المتساوية، لكن الشيء الذي نتكلم عنه، كيف يمكن أن يتم ذلك.
طبعاً وصول النساء إلى إنهن غير مرغوب بهن في عملية بناء السلام، وغير مرحب بهن، في أعداد كثيرة، ليس من المجتمع..
ومن خلال عملي والدراسات التي قمت بها والمسوحات وحتى من خلال المراقبة ألاحظ أن العذر دائماً عند الساسة في اليمن قولهم إن المجتمع مازال غير قابل لوجود النساء في السياسة.
وهذا الكلام غير صحيح، من خلال دراسات قمت بها، ودراسات ميدانية، المجتمع قابل والمجتمع مشجع للنساء، وعلى العكس في مراحل معينة، في انتخابات معينة، على مستوى المجتمع، المجتمع هو الذي طلب من النساء أن يترشحن، والذي وقف ضد النساء وترشيحهن، هم الأحزاب السياسية، هناك إكليشة تكررها الأحزاب السياسية، ويكرروها الساسة، إن المجتمع مازال غير قابل، والحقيقة هذا غير صحيح هم الذي غير قابلين.
القناة: هل هذا خوفاً من أن تطغى أدوار المرأة على بعض الأدوار التي يقومون بها؟
سهى باشرين: أعتقد أنهم خائفين من المنافسة، والنساء في مؤتمر الحوار الوطني أثبن وجودهن، وامتلاكهن لقدرات وإمكانيات الخوض في العملية السياسية، هن فقط محتاجات لإعطائهن فرصة للجلوس على الطاولة، عندما تم إعطاءهن فرصة للجلوس على الطاولة في مؤتمر الحوار أثبتن جدارتهن، وكن من الأعضاء الفاعلين، وهناك ثلاث نساء، كن يرأسن فرق، إضافة إلى نساء كن نائبات، وفي النهاية رأسن هذه الفرق، وأثبتن وجودهن، فالأمر فقط أن الطاولة لا تنحصر على فئة معينة أو مجموعة معينة، يجب أن تفتح، والنساء سيثبتن جدارتهن..
القناة: حول هذا الموضوع ـ وسيناريوهات العمل المدني والمجتمعي لعملية بناء السلام سنتحدث مع الأستاذة سهى حول هذا الجانب..
السلم في العمل المدني والمجتمعي، يعد من أهم مسارات بناء السلام، لماذا لا نجد اهتماماً دولياً بهذا المسار؟
سهى باشرين: الاهتمام الدولي عادة ما يركز على المسار الأول، وهو وضع أطراف الصراع على طاولة المفاوضات، هذا الذي يهمهم، وليس ذلك فقط في اليمن على فكرة، بل في جميع مناطق النزاع، دائماً عندما يكون هناك تدخل دولي، التركيز يكون على جلب أو إحضار أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات.
دور المجتمع المدني أو السلم المجتمعي، وأهميته، مهم جداً، لأنه إذا تمت المفاوضات الرسمية، وحصلت تسوية سياسية على المستوى الرسمي بينما على مستوى المجتمع هناك نزاعات وصراعات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو طائفية أو مذهبية، أيا كان نوعها، لن يتحقق شيء في العملية السياسية، فيجب الاهتمام، إما أن نبدأ من أعلى الهرم، أو من أسفل الهرم.
فبناء السلم المجتمعي مهم جداً، كأساس لعملية السلام بشكل شامل وكامل.
أعتقد إن المجتمع الدولي مثلما قلت مشغول بأن الأطراف تأتي إلى طاولة المفاوضات، والوصول إلى تسوية سياسية، وأعتقد أن الناشطين والناشطات اليمنيين، يجب أن يركزوا على تقوية السلم المجتمعي بشكل أكبر حتى يساعدوا أن تكون عملية السلام مستدامة.
القناة: كيف يمكن للمسار الثالث السلم المجتمعي، تأثير على المسار الأول، طاولة الحوار؟
سهى باشرين: يمكن أعطي مثل في هذا الجانب، وهذا ليس فقط في اليمن، وإنما في تجارب دول كثيرة، عندما تحصل عملية السلام يبدأ التركيز على نزع السلاح من المقاتلين وخاصة المقاتلين غير الرسميين وإعادة تأهيلهم، دائماً في تجارب دول كثيرة حاولت قوات حفظ السلام القيام بهذه العملية، وحصل فشل.
إذا لاحظتم دور الأمهات، كان في مجموعات نسائية تنادي، أن يتم إعطاء هذا الدور للنساء، أعطوا هذا الدور للأمهات، لتأثير دور الأم في إقناع ولدها على ترك السلاح سيكون أكبر، النساء فقط محتاجات تأهيل، ليفهمن كيف يقمن بهذه العملية بشكل ممنهج، يمكن أن يقمن بها بشكل فطري، لكن يجب أن يتم تدريبهن وتكون هناك برامج لتمكينهن من الأدوات التي يستطعن القيام بها بشكل منهجي، بحيث يكون أثرها مستدام.
طبعاً عندما نرى عملية نزع السلاح، وتأهيل المقاتلين ومن كانوا في ساحات القتال، هذا مرتبط بالمسار الأول، كيف ذلك، فرق التهدئة، فرق نزع السلاح، سيتم الاتفاق عليها في المسار الأول، فإذا لم يتم التفكير في من يستطيع القيام به، وهذا هو في المسار الثالث، وهنا يكون الارتباط بين المسارات، في دول كثيرة ومجموعات نسائية قمن بأدوار كبيرة للمناداة لهذه نقاط الوصل إنها تتم بين المسارات المختلفة، في بعض الدول، أو بعض المجموعات النسائية نجحن في أنهن يلفتن انتباه المجتمع الدولي للاستماع لمطالبهن، وفي دول أخرى، لم ينجحن، وأتمنى أننا في اليمن ننجح، لأن فرصنا في السلام ضعيفة، وأتمنى أن يحصل التواصل، أو خلق نقاط الاتصال، أو الوصل بين جميع المسارات.
القناة: الأمنية هذه قد تتحول إلى آليات، برأيك ما هي الآلية التي يمكن من خلالها نستطيع رفع أصوات النساء بحيث يؤخذ المجتمعي للنساء بين مسارات الحوار في العملية السياسية؟
سهى باشرين: كل فرصة تعثر هي فرصة للنجاح، عدم وجود حلقة وصل بين النساء على مستوى المجتمع، والنساء الناشطات أو نساء المجتمعات المدني، أو النساء المنخرطات في المسار الثاني، يمكن أن نحوله إلى فرصة، إنه النساء يبدأن التواصل مع المجموعات النسائية الموجودة في المجتمع وسماع أصواتهن وخبراتهن وتجاربهن وسماع احتياجاتهن، وعكسها في عملهن في المسار الثاني.
الآليات كثيرة ويمكن أن تكون متاحة، فقط نحتاج إرادة ونحتاج بعض الموارد، والإيمان ببعضنا البعض كنساء وهذا الإيمان هو موجود، لكن كل مركز على خطه وغير مركز على الخط الآخر، لكن أعتقد أن النساء مؤمنات ببعض، وذاك الكلام الذي يقولوه إن النساء أو المرأة تقف ضد المرأة هذا الكلام جزء من المغالطة للعمل ضد النساء، لكن أنا أعتقد ان النساء لديهن استعداد دائماً للعمل مع بعض، وعندهن تكاتف، لإنه في النهاية مصلحة واحدة، وبالتالي يجب أن ننظر كيف يمكن أن نخلق آليات للتواصل أكثر من أن نركز على الجوانب السلبية، وقول أن المرأة يمكن أن تضرب المرأة، هذا جزء من محاولات ضرب الحركة النسائية، لأنه في النهاية المثل السيء دائماً يتردد بسرعة، وأعتقد أن النساء قادرات على إيجاد آلية تواصل، وخلق خطط وبرامج وتقديم أجندة نسائية على طاولة المفاوضات، وهذا سيعزز وجود النساء على طاولة المفاوضات.
القناة: في هذا اللقاء الأكثر من رائع، كلمة أخيرة توجهينها للنساء، أو حتى أمنية بالنسبة لك على المستقبلي للقيادات النسوية في اليمن؟
سهى باشرين: الأمنيات كثيرة.. وأبرزها أتمنى أن تصل أصوات النساء إلى طاولة المفاوضات، لأن عملي ميداني، ودائماً أقابل نماذج من النساء مبهرات جداً، نساء يقمن بعمل ميداني، على مستوى مجتمعهن، أعمال تشرف وترفع الرأس، ودائماً أتكلم حتى صديقاتي يتعبن مني، دائماً أكرر إني قابلت النساء، وعملن كذا، أتمنى أن نوصل إلى مرحلة، بحيث إن هذه النماذج النسائية الموجودة في المجتمع تبرز، وتبقى موجودة في الإعلام، ويبقى صوتها مسموع، وتجاربها يتم تداولها، بشكل أو بآخر.
نساء حقيقيات، نساء لا يبحثن عن الشهرة، ولا يبحثن عن الأضواء، لا أحد يعرفهن..
وأحب أن أختم حديثي بقصة هذه الفتاة، طبعاً هي فتاة شابة، ودائما تعمل مع المنظمات الدولية وهي من منطقة نائية، وتعمل مع المنظمات بشكل تطوعي، كنت أدرب في مركز إحدى المحافظات، فعملوا لي ربكة في التدريب، بأنهم كانوا مجموعات، وعند الرجوع لكراسيهم حصل خلاف على كرسي بلاستيك عادي، وهذه الفتاة حاولت أخذته، وعملت لي ربكة فتضايقت، وعند الاستراحة، جاءت لتقول لي يا أستاذة أنا لازم اشرح لك، هذا الكرسي البلاستيك مهم بالنسبة لي، قلت لها، لماذا مهم، وأنتي عملتي لي ربكة في التدريب وكان ممكن تجلسي على أي كرسي، قالت لي أنا نازحة، والنزوح علمني أنني آخذ أخف ما يمكن حمله، لكن سيفيدك فيما بعد..
هذه البنت عندما جاءت تنزح كانت من خلال عملها التطوعي مع عدة منظمات تحصل على حقائب وأقلام ملونة، لما اضطرت للنزوح كانوا مجموعة كبيرة، فأخذت أقرب شنطة فيها أقلام ملونة، وانتقلت إلى منطقة نائية جداً، أول ما لاحظته هذه الفتاة إن البنات لا يذهبن المدرسة للتعليم، أول شيء عملته، حاولت تقنع مدير المدرسة إنه يتيح التعليم للبنات، قال لها لا يوجد مدرسة، فقالت هي ستتطوع، والمدير وافق، إلا أن المنطقة كان يوجد بها مجموعة متشددة، هددوا المدير بأنه لو خليت البنات يذهبن المدرسة، سيتم إقفال المدرسة، وهددوه بأشياء كثيرة، فوقف المدير، فوجدت هذه الفتاة مسجد مهجور لا يتم استخدامه، قامت بتنظيفه، وبدأت بتعليم البنات من نفسها، ما الذي نفعها، شنطة الأقلام التي أخذتها، لأن البنات كن صغيرات جداً، تقول الفتاة، كنت اشتري الدفتر وأقطعه بين الطالبات وقسمت الأقلام بينهن، للأسف بدأوا يهددوا أبوها، وأنها شرفه وعرضه، وأبوها ضربها وحبسها في البيت، وقصتها طويلة، وخلاصتها لما قالت إنها تخاصم على الكرسي، لأن النزوح عملها أن تأخذ أخف شيء يمكن تستفيد منه فيما بعد، وتعمل منه حاجة.
وسألتها ماذا تعمل الآن، قالت عادت للعمل التطوعي مع بعض المنظمات لأنه صرت محتاجة أن أعمل وأحصل على دخل، لكن حلمي أن أواصل في تعليم البنات، ويوم من الأيام سأحقق هذا الحلم.
طبعاً هذه البنت شابة، عمرها صغير جداً ما يقارب 26 أو 27 سنة، التصميم والعزم الذي عندها هو رسالة لكل النساء، إننا قادرات على تحقيق شيء بأدوات بسيطة، هذه البنت التي اسمها نور، ولا أستطيع ذكر منطقتها، لو أحد اقدر يوصل لها، مجموعة النساء يوصلن أصواتهن، هي مؤمنة إن أهم شيء تعمليه في النساء، هو التعليم، تعليم البنات مهم جداً في عملية السلام، أو في تحقيق سلام دائم.
مثل هؤلاء النساء نماذج قوية أتمنى في يوم من الأيام إن يكون لهن فرصة بأن يظهرن وتجاربهن تعرف ويتم الاستفادة من هذه التجارب.
القناة: إذن هذه هي المرأة اليمنية مهما كانت تجربتها صغيرة، إلا أنها في الأخير تثبت أنها قادرة في الدخول في عملية صناعة السلام، والسلم المجتمعي، حتى وإن لم تكن مدركة بهذا الأمر، وهذا ما تعلمناه اليوم من القصص الكثيرة التي تشرفنا بها مع الأستاذة سهى باشرين.
شكراً لك لأنك كنت معنا ضيفة في حلقة اليوم..
السلام والنساء هو الأمر الأساس الذي يسعى المجتمع النسوي إلى أن يثبت جدارته فيه، سنكون معكم في مجموعة من الحلقات المختلفة مع شخصيات نسائية..
إلى أن نلقاكم نترككم في رعاية الله وحفظه.. إلى اللقاء..