فشل الاطماع الاماراتية في اليمن حقائق التاريخ تؤكد ذالك ش
متابعات

في خطوات متسارعة تشير إلى تخبط مشروعها في تقديم نفسها كقوة استعمارية ناشئة، قادرة على تنفيذ أجندة إسرائيل وأمريكا في السيطرة على البحار والتجارة، تواصل الإمارات ممارساتها التوسعية غير المشروعة في جغرافيا اليمن، وتحديداً في أرخبيل سقطرى، وسط توقعات بفشل مساعيها تحت ضغط تطورات الحرب التي يخوضها التحالف بعد تحول مقدرات الإمارات النفطية والغازية إلى أهداف عسكرية لطيران صنعاء المسيَّر.
ويرى مراقبون أن مؤشرات الفشل تتجلى في إصرار دولة الإمارات- الوليدة في حضن الاستعمار- على الفصل المنهجي لمحافظة سقطرى وإدارتها كجزء من أراضيها، في مغالطة واضحة لن يقبل اليمن الذي خاض حروباً مفتوحة مع قوى الاستعمار الكبرى التي تحاول اليوم- عبر استخدام أبو ظبي والرياض كقفازات- استعادة جزء من سيطرتها على حركة الملاحة الدولية في جنوب البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن.
الهوية اليمنية التي تُعدُّ أهم الحقائق التاريخية والديموغرافية العصية على الطمس أو الاحتواء من قِبل أي قوى خارجية، كانت أول أهداف أبو ظبي منذ سيطرة قواتها على جزر الأرخبيل في نوفمبر 2015م، تحت شعار إنقاذ العائلات السقطرية التي تضررت من الإعصار الدولي الذي ضرب سواحل عُمان ووصل إلى سقطرى، فقامت ببناء ما أسمته “مدينة زايد السكنية”، وأن وجودها العسكري في الجزيرة لأهداف إغاثية.
حقيقة الأمر الضمنية وغير المعلنة، أشارت- حسب خبراء دوليين- إلى أن الإمارات كانت ومنذ وصولها الجزيرة تمارس أعمالاً عسكرية مكثفة- ضمن مشاركتها في العمليات العسكرية التي يشنها تحالف من 17 دولة بقيادة الرياض- لتثبيت وجودها وسيطرتها على موارد الجزيرة.. مستدلين على ذلك بالاعتراف المعلن للحكومة المدعومة من التحالف بأن أبو ظبي تفرض نفسها كمحتل، وأنها تنفذ برامج تدريبية عسكرية في الجزيرة، وهو ما أقرته الإمارات في مايو 2017م، وبحلول عام 2018م أنشأت قاعدة عسكرية في سقطرى.
وفي تعليقها على تحركات الإمارات في سقطرى قالت الخبيرة والباحثة في كلية بيمبروك بجامعة أكسفورد إليزابيث كيندال: “يعطي موقف الإمارات بشأن سقطرى مؤشراً آخر على أن الإمارات قد حولت سياستها في اليمن بعيداً عن الأهداف الأصلية للتحالف، الذي تقوده السعودية، للتركيز بدلاً من ذلك على مصالحها التجارية والإستراتيجية والأمنية”.
سيطرة الإمارات على سقطرى لم تقف عند السيطرة العسكرية فقط، بل طالت سيطرتها بالتزامن مع ذلك على الموارد الاقتصادية والمؤسسات الخدمية، وأنشأت شركات ومؤسسات إماراتية تبيع خدماتها للمواطن في مجالات الكهرباء والمياه والاتصالات، وغيرها، كما بدأت إنشاء مشاريع تجارية وصناعية سمكية في الجزيرة بعد إحكام سيطرتها على المصايد، ومنع الصيادين اليمنيين من بيع ما يصطادونه يومياً لأي جهة محلية أو خارجية، سوى للشركة الإماراتية المتخصصة في صناعة وتعليب وتسويق أسماك الجزيرة.
مؤخراً، أنشأت الإمارات لساناً بحرياً لاستقبال السفن في جزيرة عبد الكوري بمحافظة الأرخبيل، متجاهلةً كل التحذيرات من تهجير سكان الجزيرة تمهيداً لتحويلها إلى مستعمرة موصولة بمصالح الإمارات وإسرائيل، حيث تُعدّ جزيرة عبدالكوري- التي تقع على بعد 120 كم من جزيرة سقطرى وبمساحة تصل إلى 133 كيلو متراً مربعاً- ثاني أهم جزر الأرخبيل، حيث يقع في الجزيرة 6 قطاعات نفطية، ويمتلك أرخبيل سقطرى شريطاً ساحلياً يبلغ طوله 300 كلم، وأدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، في يناير 2018، ضمن قائمة المواقع البحرية العالمية ذات الأهمية البيولوجية والتنوع النادر.
ولم تتوقف أطماع الإمارات في جزيرة سقطرى، بل وسعت من أنشطتها العسكرية المتصلة بالحركة التجارية والملاحية في البحر العربي وخليج عدن وجنوب البحر الأحمر وصولاً إلى المخا، فعملت على إنشاء شبكات نفوذ مختلفة بالقرب من نقاط الاختناق الحرجة للتجارة العالمية في جميع أنحاء اليمن، من خليج عدن إلى مضيق باب المندب الحيوي الذي يربطها بالبحر الأحمر، وسط تأكيدات بإقامة أبو ظبي قاعدة جوية في جزيرة ميون، وهي جزيرة بركانية صغيرة تحتل موقعاً رئيسياً في مضيق باب المندب.
تنفيذ الإمارات لأجندة إسرائيل وأمريكا في المياه اليمنية، ومساعيها في الوقت نفسه لفتح قنوات تواصل مع الصين وروسيا مقدِّمةً نفسها كشريك اقتصادي مستقبلي، خلق أزمة بينها والرياض من ناحية، ومن أخرى قوبلت تحركاتها ودخولها الفج على خطوط التجارة العالمية، بانتقادات دولية ومطالبات متعددة بالانسحاب، ما جعلها تعلن زيفاً انسحاب قواتها من اليمن.
وفي سياق كشف مغالطات الإمارات للعالم، قالت الخبيرة والباحثة الأمريكية الكسندرا ستارك: “بينما سحبت الإمارات بعض قواتها من اليمن في عام 2019 رداً على ضغوط المجتمع الدولي، إلا أنها ظلت نشطة في اليمن”.
خلاصة القول: حقائق التاريخ، وواقع اليمن، ووقائع الحرب التي جعلت العمق الإماراتي هدفاً لطائرات صنعاء المسيَّرة وصواريخها المجنحة- حسب المراقبين- عاملان حاسمان في تأكيد مآلات الفشل مسبقاً لمساعي الإمارات في سقطرى أو أيٍّ من الجزر اليمنية، وإن استشعرت أبو ظبي أن زمن الحرب والحصار قد مكنها من ذلك وسيمكنها من الاستمرار كقوات غازية، مشيرين إلى أن مجريات المستجدات الدولية الموصولة بالنزاع بين أوكرانيا وروسيا، وانشغال أمريكا بملف أوكرانيا واحتدام الصراع الواضح بين تكتلات العالم الاقتصادية، قد تغيِّر معطيات التصورات المتوقعة والمحتملة للإمارات في ظل أجنداتها المتناقضة.

 

متعلقات